Huda Aweys's Reviews > الحرب و السلم

اخيرا انتهيت من قراءة ملحمة (الحرب و السلام) الشهيرة و اللي عهد توليستوي من خلالها إلى نقل الحقيقة الإنسانية (المُرّة) .. بلا أي مواربة ! و بعيدا عن الفلسفات الشمولية المستبدة ، و الأحلام الطوبية المراهقة ! ، فنزعات الطمع و التآمر و الخيانة و الحسد .. و (الحرب) ، و الميل للإعتراك .. هي آفات متأصلة في الجنس البشري ، لا لها حل و لا علاج ! ،
و هو ما تمثّل اثباته في عرض الكاتب لشخصية (بيير) ، ذاك الشخص المسالم لأبعد حد (اللي لمحت فيه شئ من شخصية توليستوي نفسه بالمناسبة !) ، و اللي لجأ للسلاح و الاعتراك بمحض ارادته في النهاية ، و رغم كل شئ ! ،
ثم اشتباك الخاتمة مابينه و نيكولاي ، و اللي اتخط بيه الملخص الموجز لتاريخ ، و مستقبل البشرية
مع الاشتباك و العراك .. و الحرب
*****
.. فاٌلإنسان اجتماعي بطبعه و بتحركه مصالح الجماعة و بلابلابلا ، زي مادرسنا زمان في ثانوي :) !
و سيعهد الى الحيلة دوما في تبرير كل نزعاته السابقة تلك ..
و هكذا ...
فمرة باسم الدين .. و مرة باسم القومية .. و مرة باسم الوطنية ..
.. و مرة باسم (الإنسانية) او (العلمانية) أحصنة اليوم الرابحة !
...
و المشكلة عموما لم تكن يوما في أي من هذه الفلسفات ..
هي فقط في الإنسان
...
و تلك هي الحقيقة المرة :) !
*****
في الجزء الأول من الرواية دار توليستوي بالقارئ في بانوراما سريعة (عرضها من وجهة نظره) على المجتمع الروسي حينذاك ، ليكشف له في نهايتها عن ما تم تركيزه في جملة (بوريس) ابن (آنا ميهايلوفنا) و هو يخاطب
(بيير) :
نحن ��نا في موسكو نهتم بمآدب الغداء و الفضائح أكثر من اهتمامنا بالسياسة . و لا أعرف السياسة و لا أهتم بها ، و موسكو مهتمة بالفضائح أكثر من أي شئ ...

***
(و ماأشبه الأمس باليوم .. )

داعبتني تلك الجملة و انا اقرأ ماردده توليستوي على لسان شخصيته (بيير) في أمسية (آنا بافلوفنا) سيدة البلاط الراقية ، بمستهل الرواية :

نعم ! نابليون عظيم لأنه استطال على الثورة ، و كبح شرورها ، و احتفظ منها بكل ماهو صالح و نافع ، و هو مساواة المواطنين ، و حرية الكلام و حرية الصحافة ، و من أجل هذه الغايات استولى على السلطة العليا

!
فعلى هذا المنوال ، برر الحمقى لأصنامهم على مر العصور
*****
اما في الجزء الثاني فقد حملنا توليستوي الى أرض المعركة ، و طاف بنا على كواليسها ...
علاقة الحليفتان اللدودتان !
(النمسا و روسيا)
.. علاقة الجنرالات بالقادة .. و القادة بجيوشهم ..
و الهوسار بالبيادة !
...
ايضا وفق توليستوي (الى حد ما) في عرضه التاريخي ِلما اطّلع عليه من وقائع تلك الحرب و تفاصيلها ،
ففي عهده ، كانت الحرب و تكتيكاتها مثار اهتمام الأمراء ، و رجال الطبقة الراقية ، و الذي كان هو واحدا منهم
*****
في الجزء الثالث بيستمر في استفذاذ كراهتنا للحرب ، و ركوننا الى الأمان و السلام و إلخ إلخ :) ، من خلال تصويره لمشاهد دموية من ساحات الحرب ، و تمجيده للأحلام و الآمال الدنيويه البسيطة في المقابل
*****
و في الرابع كانت تتمة الملحمة التي أشرت اليها في بداية عرضي
:)