أحمد فؤاد's Reviews > آلموت

آلموت by Vladimir Bartol
Rate this book
Clear rating

by
17142249
's review

really liked it

لا... لن تُفلح مراجعة قصيرة.. حاولت ولكنني لم أستطع

أوصاني بعض الأصدقاء بقراءة رواية آلموت، مُراجعاتها قوية، تقييماتها إيجابية للغاية، تصنيفها تاريخي، ولأنني أيضاً أعرف عن جماعة الحشاشين فقد أثارتني فكرة قراءة عمل أدبي عنهم وعن أساليبهم.

آلموت.. أو قلعة آلموت.. أو عش النسر، كلها مُسمّيات لقلعة شامخة حصينة بناها ملوك الديلم، قلعة استعصى فتحها على الكثير ممن حالوا ذلك. ورغم حصانتها استولى عليها الحسن بن صباح شيخ الجبل أو الزعيم الروحي لطائفة الإسماعيليين، بشكل يحسبه المرء نكتة من نكات الحياة. مهّد بن صباح لأول جماعة اغتيالات مُنظّمة، وقام بعمل المستحيل بإخضاع القلاع المحيطة به، وتحدّي ملوك السلاجقة، انتشر نفوذه إلى بغداد وسوريا وأنهى نفوذ السلاجقة في إيران.

الخناجر الحيّة، هو السلاح الفتّاك الذي اخترعه حسن بخطة جهنّمية لمدة عشرون عاماً، مُستخدماً الجهل في إقناع شباب مُغرر بهم كي يعلو بإيمانهم لدرجات عالية جداً، تجعلهم في طاعة عمياء لهذا الرجل، بإقناع خبيث بامتلاكه مفتاح الفردوس، والتي هي رياض القصر المُختفية وراء الجبل العظيم، والتي بها كل وسائل الإبهار من أنهار وخمر ولبن مُصفّى ونساء يحسبها من لم يختلط بالنساء من قبل حوريات.

وكعادة التاريخ... فإن كل فكرة سخيفة تحمل خلفها حلم مجنون تنجح في نهاية المطاف... هكذا نجح حسن ابن الصباح في إنشاء مملكة ضخمة تسيطر على إيران وأطراف الشام من لا شيء تماماً. تخطيط ذكي وخبث وتمسّك بجنون فكرة آمن بها.

أذهلتني براعة الكاتب في سرد هذه التفاصيل الكثيرة والتي تنم على قراءة مدهشة في التاريخ واستخدام العديد من المعلومات لثقافة مختلفة تماماً وبعيدة كل البعد عن ثقافته. حبكة ممتازة ومتعة حقيقية في تكوينها.

ولكن.... انتابني نوع من عدم القبول والامتعاض أحياناً أثناء قراءتي لهذه الرواية، وذلك يرجع لسبيبين: الأول... لبعض المغالطات في الدين، وهي هفوات قد لا يستطيع الكاتب الإلمام بها جميعاً. أما السبب الثاني فهو كم المغالطات التاريخية التي بنى عليها الكاتب حبكته وروايته بالأساس.


بخصوص المغالطات التاريخية، فذلك يرجع بالأساس إلى أن الكاتب اعتمد بشكل تامً على مذكرات ماركو بولو، وتحديداً على الفصل الثاني والعشرين في الترجمة العربية لكتاب رحلات ماركو بولو- الجزء الأول، وهو من طباعة الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهو متوفر لمن أراد قراءته. الفصل بعنوان "عن شيخ الجبل – وعن قصره وبساتينه- وعن أسره ومصرعه" - ملحوظة... شيخ الجبل هو حاكم قلعة آلموت وزعيم الجماعة، مهما اختلفت الأسماء.

ولمن لا يعرف ماركو بولو فهو من أشهر الرحالة في التاريخ، كان إيطالياً ورحل إلى الصين، وهو أول من سار في طريق الحرير إلى الصين... عمل كمبعوث لقوبلاي خان أكبر ملوك إمبراطورية المغول، وهو حفيد جنكيز خان، والذي أرسله إلى العديد من البلاد المجاورة في الصين و��لهند واليابان بالإضافة إلى إيران ومنطقة الاتحاد السوفيتي حالياً. شاهد العديد من العجائب في رحلاته، وعاد بعد 23 عاماً إلى البندقية ليُسجن فيحكي لمرافق له في السجن – رتيشيلو دو بيزا- عن حكاياته، ليقوم هذا الأخير بصيغتها في أسلوب أدبي ويجمعها في الكتاب المذكور أعلاه. مع العلم بأن هناك العديد من الحملات التي هاجمت كل المعلومات التي جاءت في رحلات ماركو بولو، لتتهمه بالتأليف وبأنه لم يذهب إلى الصين بل سمع هذه الحكايات والتفاصيل من مسافرين، بل أن هناك من ذهب إلى أن ماركو بولو نفسه مجرد خدعة ولا وجود له مثلما خلصت فرانسيس وود.

إذاً ماركو لم يدخل قلعة آلموت ليرى الجنان الذي كان حسن بن صباح – حسب روايته- يجعل أتباعه يظنون أنها الفردوس، ناهيك عن أن ماركو بولو قد ولد قبل سنتين من تدمير هولاكو للقلعة تماماً.

في رأيي أن ماركو – إن كان حقيقياً – قد سمع إلى هذه الإشاعات، والتي تتناغم مع الفكر الأوروبي عن العالم العربي أو الإسلامي القديم وهوسه بالنساء. للأسف لم يفطن فلاديمير بارتول – كاتب الرواية آلموت- بأن جماعة الفدائيين لم يكونوا في حاجة إلى جنّة مزورة كي يقوموا بالإيمان بها، والدليل على ذلك المسلمون في صدر الإسلام أثناء انتشار نفوذه ورغبتهم في الموت في سبيل الله، مروراً بالطائفة المغتالين، ونهاية بالإرهابيين الذين لا يتوانون حتى اليوم في تفجير أنفسهم. إنه الإيمان الأعمى بشيء ما سواء كان ذلك في طريق الحق أو في طريق الباطل. هذه هي المعلومة الخاطئة التي بُنيت عليها الرواية، وهذا لا يمنع روعة أحداثها بل ونسجها بحرفية عالية جداً مع الأحداث الحقيقية التاريخية، لتخرج الرواية بهيّة الجودة الجمالية.
آلموت رواية بارعة في الوصف، لا تستطيع إلا أن ترى كل ما يصفه، سواء كانت القلعة أو البساتين أو المعارك، أو حتى خفايا نفوس الشخصيات.


بقى أن أنوّه إلى أن فكرة تناول فدائيي حسن بن الصباح للحشيش غير دقيق في مقصده، فالحشيش -الذي هو في الأصل الحشائش- في أيامها كانت له أسواقاً كبيرة وكانت تُباع نبتته على أنها أعشاب دوائية للمعالجة أو لتسكين الألم، من الممكن التصديق بأنهم كانوا يتناولون بعضه كمحاولة للسيطرة على القلق أثناء تنفيذهم عملياتهم، أو حتى كي يساعدهم على التركيز الشديد، حيث كانت هذه النبتة تشتهر ب هذا المفعول.

رغم استمتاعي بالرواية، فأنا لا أستطيع ترشيحها لأي شخص عام كي يقرأها، فهناك العديد من الأفكار الفلسفية المُقتربة من الكفر، ولا أظن أن الكثير يستطيع أن يتحمّل ثقلها على النفس والعقل. بهذا فهي ليست رواية للجميع.

نقاط ضعف الرواية في نظري، أن السرد جاء طويلاً للغاية، وممل في بعض الأماكن وأظن أن ربع الرواية قابل للحذف. وأيضاً ترجمة الجمل لهذه الرواية سيء، هناك بعض الجمل غير مُركّبة بشكل سليم، فتصبح غير مفهومة تماماً.

الرواية نصبت لي شركاً ويبدو أنني قد وقعت فيه، فمنذ أن انتهيت من قراءتها – بل لعلني قبل أن أنتهي- وأنا أبحث عن التفاصيل من خلال شبكة الانترنت، فأثار ذلك حماسي كي أظل أسيراً لهذه الحقبة الزمنية، ولهذا فسأعود قليلاً إلى الوراء لعلاقة حسن بعمر الخيام بقراءة رواية سمرقند لأمين معلوف، ثم سأقفز بعدها إلى حياة جنكيز خان وكيفية القضاء على شيخ الجبل وقلعته. وذلك بقراءة رواية ذئب السهول – وهو الجزء الأول في السيرة الملحمية الذاتية لجنكيز خان.

تقييمي للرواية 4 من 5
21 likes · flag

Sign into Goodreads to see if any of your friends have read آلموت.
Sign In »

Reading Progress

January 1, 2018 – Started Reading
December 31, 2018 – Shelved
December 31, 2018 –
9.0%
January 3, 2019 –
15.0%
January 4, 2019 –
26.0%
January 5, 2019 –
31.0%
January 7, 2019 –
41.0%
January 12, 2019 –
70.0%
January 16, 2019 – Finished Reading

No comments have been added yet.